بيان صادر عن جمعية عمل تنموي بلا حدود – نبع - حول الجريمة المروّعة التي راح ضحيتها طفلة في بلدة الناعمة
بأسى عميق وغضب شديد، تُدين جمعية عمل تنموي بلا حدود – نبع الجريمة المروّعة التي طالت الطفلة البالغة من العمر عشر سنوات، والتي تعرّضت للاغتصاب والقتل بوحشية في بلدة الناعمة.
إن هذه الجريمة البشعة لا يمكن اختزالها في إطار فعل فردي، بل تُعد مؤشّرًا خطيرًا على الخلل العميق في منظومة حماية الطفولة في لبنان، ودعوة عاجلة لتحرّك وطني شامل لضمان حماية جميع الأطفال على الأراضي اللبنانية، لا سيّما أولئك الأكثر هشاشة، بمن فيهم الأطفال اللاجئون.
تشكل هذه الجريمة انتهاكًا صارخًا للمعايير الوطنية والدولية، لا سيّما:
• المادة (6) من اتفاقية حقوق الطفل التي تضمن حق الطفل في الحياة والبقاء والنماء.
• المادتان (19) و(34) من الاتفاقية ذاتها، اللتان تحظران جميع أشكال العنف والاستغلال والاعتداء الجنسي على الأطفال.
• القانون اللبناني رقم 422/2002 المتعلّق بحماية الأحداث المعرّضين للخطر، والذي يُلزم الدولة باتخاذ التدابير الوقائية والحامية للأطفال في بيئات غير آمنة.
لم تُغتَصب الطفلة جسدًا فقط، بل اغتُصبت معها براءة الطفولة وكرامة كل طفل في لبنان.
وانطلاقًا من مسؤوليتها الحقوقية والإنسانية، تطالب جمعية نبع بما يلي:
1. إنزال أقصى العقوبات القانونية بحقّ الجاني، استنادًا إلى المادتين (503) وما يليها و (549) من قانون العقوبات اللبناني، نظرًا لما يشكّله الفعل من جريمة اغتصاب وقتل عمد مع سبق الإصرار.
2. تسريع الإجراءات القضائية وضمان سير العدالة بشفافية وعدالة كاملة.
3. صون حقوق الضحية وعائلتها وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي لهم من قبل الجهات المختصّة.
كما تدعو الجمعية إلى:
• تفعيل آليات حماية الطفل المنصوص عليها في القانون رقم 422/2002، وتوسيع نطاق عمل لجان الحماية في جميع المناطق.
• تعزيز الرقابة الأمنية المجتمعية في المناطق التي تضم أعدادًا كبيرة من الأطفال واللاجئين المعرّضين للخطر.
• تدريب الأجهزة الأمنية والقضائية على التعامل مع جرائم العنف الجنسي ضد الأطفال وفق مبادئ حقوق الإنسان والمعايير المهنية.
• إطلاق حملة وطنية شاملة للتوعية حول مخاطر العنف الجنسي ضد الأطفال، وتشجيع الإبلاغ عن أي انتهاك دون خوف أو تردّد.
إن ما حدث يؤكد تقصيرًا خطيرًا في أداء منظومة حماية الطفل، وضرورة تحمّل الدولة مسؤولياتها الكاملة في تطبيق القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها، وعلى رأسها اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989. كما تقع على المجتمع المدني ووسائل الإعلام مسؤولية مضاعفة في رصد الانتهاكات والتبليغ عنها والمطالبة بالمحاسبة الشفافة لكل من يتهاون في حماية الأطفال.
وتشدد جمعية نبع على ضرورة احترام كرامة الضحية وعائلتها، وحماية خصوصية الطفلة من أي تداول إعلامي أو رقمي مسيء، بما ينسجم مع مبادئ أخلاقيات النشر وحقوق الطفل في الإعلام، المنصوص عليها في مدونة السلوك الصحافي في لبنان.
كما تدعو الجمعية إلى إعادة تفعيل اللجنة الوطنية لحماية الطفل وتفعيل الاستراتيجية الوطنية لحماية الأطفال من العنف والاستغلال، وتخصيص موارد مالية وبشرية كافية لبرامج الوقاية والدعم النفسي والاجتماعي، بالتعاون مع الوزارات المعنية ومنظمات المجتمع المدني.
إن ما جرى بحق الطفلة هو جريمة ضد الإنسانية والطفولة، لا يمكن السكوت عنها أو تبريرها تحت أي ظرف.
فالجاني، مهما كانت هويته أو دوافعه، هو مجرم تجرد من إنسانيته، وأي تهاون في إنزال العقاب العادل بحقه يُعد تواطؤًا صامتًا وجريمة ثانية بحق الضحية وبحق كل طفل يعيش في لبنان.
تؤكد جمعية نبع أن حماية الطفولة واجب وطني وإنساني، وأن العدالة يجب أن تكون سريعة، حازمة، ومنصفة، لتكون عبرة رادعة لكل من تسوّل له نفسه المساس بكرامة أو براءة طفل.
هذه الجريمة ستبقى شاهده على فشل منظومة الحماية، وعلى ضرورة أن تتكاتف كل الجهود لضمان ألا تتكرّر هذه الفاجعة مرة أخرى.
الاثنين 3 تشرين الثاني، 2025